للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضالون {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧)}. [الأنعام: ٧٧].

{فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ} [الأنعام: ٧٨] وهو صحيحٌ، فالشمس أعظم من القمر، فلما أفلت قال: يا قوم إنِّي بريء مما تشركون، فأعلن بشركهم وبالبراءة منهم، وهذا من كمال محاجته.

فلا يبعد أن تكون هذه الآية {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨)} من جنس المحاجة المذكورة في سورة الأنعام.

{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨)} أي: إبراهيم -عليه الصَّلاة والسلام- نظر نظرة في النجوم، أي: نظر إليها، وإنَّما فعل ذلك؛ لأنَّ قومه كانوا يعبدون النجوم، ويضعون لها الهياكل في الأرض، وأصل العبادة للنجوم، فنظر في هذه النجوم فلما نظر قال: {إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩)} وإنما نظر فيها وهو لا يعتقد -عليه الصَّلاة والسلام- من باب التورية، وهذا تورية بالفعل، فكما تكون التورية بالقول تكون التورية بالفعل. فالتورية بالقول كثيرة معروفة، التورية بالفعل: أن يري الإنسان غيره أنَّه يرى شيئًا وهو لا يريده، أو أنَّه معرضًا عن شيء وهو قد وضع باله عليه.

فهذا من التورية بالفعل، لأنك أظهرت لغيرك خلاف ما يراه، والتورية بالقول أظهرت لغيرك خلاف ما يسمعه، فإبراهيم -عليه الصَّلاة والسلام- ورّى بالنظر بالنجوم ثم قال: {إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩)}.

وفسّر المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- (سقيم) بمعنى سأسقم وهذه

<<  <   >  >>