للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعتدون بين أن هناك أناسًا ليسوا على هذه الحال. وهم عباد الله الذين أخلصهم الله تعالى لنفسه، وأخلصوا له ما يجب له.

* * *

{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)} {فَإِنَّكُمْ} الخطاب هنا للكافرين، وفيه التفات من الغيبة إلى الحضور، لأن الكاف للمخاطب، والمخاطب حاضر، وما سبق الضمير فيه عائد على غائب: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩)} فكلها بضمير الغيبة.

والالتفات من الغيبة أو العكس له فائدة، وهي تنبيه المخاطب، ووجه ذلك أن الخطاب إذا كان على وتيرة واحدة لم يكن فيه ما يدعو إلى الانتباه، فإذا تغير الأسلوب انتبه الإنسان، وهذه الفائدة مطردة في كل موضع فيه التفات.

وهناك فائدة أخرى تكون بحسب السياق، وليست مطردة في كل موضع، والفائدة هنا: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١)} هي أن الله -سبحانه وتعالى- لما تحدث عنهم بصيغة الغيبة، وكان الذي بعد ضمائر الغيبة أمرًا يظن صاحبه أنه قادر عليه خاطبه مخاطبة الحاضر إفادة إلى ذله وعدم قدرته على ما يقصد، فالكفار يحاولون فتن الناس عن دينهم بكل وسيلة، تارة بالدعاية لمعبوداتهم، وتارة بالقدح في عبادة الله، وتارة بالقدح في المسلمين وغير ذلك، فيظنون أنهم على شيء فخاطبهم الله تعالى

<<  <   >  >>