للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجوه الثلاثة. يقول الأتباع للمتبوعين: إنكم كنتم تأتوننا عن هذه الجهة الحلف أو القوة أو الخير.

والمؤلف -رحمه الله- يقول في تفسيرها [عن الجهة التي كنا نأمنكم بها]، وكلامه هذا صالح للوجوه الثلاثة؛ لأن الناس يؤمنون إذا حلفوا، ويؤمنون إذا وعدوا بالخير، ويؤمنون إذا كانوا أقوياء، لأن الغالب أن الضعيف يرى أن القوي على حق، وأنه بلغ هذه المرتبة لكونه محقًّا.

{قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩)}.

{قَالُوا} قال المؤلف -رحمه الله-: [أي المتَّبَعون] لو عبر -رحمه الله- بقوله المتبوعون لكان أوضح؛ لأن المتَّبَعون قد يقرأها الإنسان المتَّبِعون يعني الأتباع، والواقع أن الذي قال هم المتبوعون. {قَالُوا} أي المتبوعون للأتباع: {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩)} {بَلْ} هنا في إبطال ما ادّعوه في قولهم: إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين، يعني بل لم نأتكم عن اليمين ولكنكم لم تكونوا مؤمنين، ولو كنتم مؤمنين لصدق قولكم إنا أضللناكم، أما أنكم غير مؤمنين من الأصل فالجناية منكم على أنفسكم.

ولهذا يقول المؤلف -رحمه الله-: [{بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩)} وإنما يصدق الإضلال منا أن لو كنتم مؤمنين فرجعتم عن الإيمان إلينا]، تبرأ المتبعون الآن من الأتباع وجعلوا اللوم على الأتباع أنفسهم، قالوا كما يقول الشيطان: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا}.

<<  <   >  >>