للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢)} الهاء اسم إنّ، واللام للتوكيد، وهم ضمير فصل لا محل له من الإعراب. والمنصورون خبر إن.

يقول الله -عز وجل- {إِنَّهُمْ لَهُمُ} يعني لا غيرهم {الْمَنْصُورُونَ} أي: الذين ينصرهم الله -عز وجل- بما يقدره من الآيات، أو بما يرسله من الجنود، ففي بدر أرسل الله الملائكة فقاتلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي الأحزاب أرسل الله تعالى الريح الشديدة ومعها جنود، {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: ٩] فجمع الله في الأحزاب بين الملائكة تدخل الرعب في قلوب هؤلاء الأعداء، وبين الريح التي تزلزلهم حتى لم يقر لهم قرار فهربوا، فهم منصورون من قبل الله بما يرسل من الآيات، أو من الملائكة.

وقوله: {وَإِنَّ جُنْدَنَا} الجند هم المدافعون عمَّن هم جند له، الذين ينصرونه ويدافعون عنه، ومنه جنود الأمير والسلطان وما أشبه ذلك، وهنا يقول: {وَإِنَّ جُنْدَنَا} أي: جند الله، وهؤلاء الجند ليسوا جندًا لله لحاجة الله إليهم. ولكن لأنهم يدافعون عن شرعه فصاروا جندًا له، وهؤلاء الجند هم الغالبون لكونهم جند الله، والله -سبحانه وتعالى- له الغلبة: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: ٢١] فجند الله الذين يذبون عن شريعته لابد أن تكون لهم الغلبة. ولهذا قال: {لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)} والجملة كالأولى مؤكدة بثلاثة مؤكدات: إن، واللام، وضمير الفصل.

والغالبون اسم فاعل من غلب، وغلب فعل متعد، والفعل المتعدي لابد فيه من فاعل ومفعول. فالفاعل الجند {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ

<<  <   >  >>