للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩)} فلم تختلف عنها إلا بحرف العطف الأول (فتول) والثاني و (تول)، والأولى قال: {أَبْصِرْهُمْ} والثانية (وأبصر)، فأطلق وإلا فهي هي، والفائدة من التكرار هو تكرار إنذارهم وذلك بتهديدهم، وتسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنه كلما كرر الكلام ازداد توكيدًا.

{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)} سبحان: اسم مصدر سبح. وهي منصوبة على أنها مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا، ولهذا لا يجمع بين سبحان وسبح، ما يقال: سبح سبحان، و {سُبْحَانَ رَبِّكَ} أي تنزيهًا له، وقد تقدم ماذا ينزه الله عنه، وقوله: {رَبِّكَ} أضاف الربوبية إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيكون المراد بها ربوبية خاصة؛ لأن الربوبية تنقسم إلى قسمين: عامة لجميع الخلق وهذه ربوبية السلطة والتدبير، وخاصة وهي ربوبية التربية والعناية، وقد اجتمع النوعان في قوله تعالى عن سحرة فرعون قالوا {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (٤٨)} [الشعراء: ٤٧، ٤٨] فالأولى عامة {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧)}، والثانية خاصة {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (٤٨) ولهذا صار من مقتضى هذه الربوبية أن الله تعالى قال لهما: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه: ٤٦] قال: {سُبْحَانَ رَبِّكَ} والخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - أي تنزيهًا لربك الذي شملك برعايته وعنايته ثم قال: {رَبِّ الْعِزَّةِ} أي الغلبة، ورب هنا بمعنى صاحب، وليست بمعنى خالق، وهي في القرآن تأتي بمعنى خالق ومالك ومدبر إلا في هذا الموضع فالمراد بها صاحب فقط، ولا يمكن أن تكون بمعنى خالق؛ لأن العزة صفة من صفات الله

<<  <   >  >>