للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن ما يدل على ذلك، فالأولى أن نقول: إن الناس بعد نوح من ذريته، وأمَّا هذا التقسيم فيحتاج إلى دليل، وليس هناك دليل من كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، والله -سبحانه وتعالى- ذكر أن الأمم السابقة لا يعلمهم إلا الله، فقال جل وعلا: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} [إبراهيم: ٩] فإذا نفى الله علم أحد بهم إلَّا الله -سبحانه وتعالى- وجب أن يتلقى علمهم من الله -سبحانه وتعالى- لا من غيره، فنرجع إلى الوحي، وعلى هذا ما في كتب المؤرخين من أحوال الأمم الماضية إذا لم يكن عليه دليل من الكتاب والسنة فإنَّه مما يتوقف فيه، ولا يلزم به، كحديث بني إسرائيل، فهؤلاء الثلاثة الأبناء لنوح ممن يتوقف فيهم، ونحن لا يهمنا الباقون من أولاده ثلاثة أو ثلاثون، المهم أن نؤمن بما دل عليه كتاب الله وهو أن ذرية نوح هم الذين بقوا، وأمَّا من آمن معه فإما أنه ليس له ذرية أو قد يكون لهم ذرية ولكن لم تبق، فالله أعلم، ومن الجائز أن يكون له ابن ثم ينقطع نسله، فلا نعلم لكن الذي بقي نسله هو نوح.

{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨)} يعني أبقينا له ثناء حسنًا، ولم يقل: تركنا له بل قال: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨)} إشارة إلى أن تركنا مضمنة معنى يناسب حرف الجر المذكور، فلابد أن يضمن تركنا معنى مناسب لعلى، والمعنى المناسب لعلى هو الثّناء، يعني: أثنينا عليه ثناءً متروكًا في الآخرين، وهو كذلك. فإن الله -سبحانه وتعالى- أثنى عليه ثناء من أفضل الثّناء، قال -عز

<<  <   >  >>