وقوله: {الْمُسْتَقِيمَ (١١٨)} يعني الذي استقام فليس فيه اعوجاج ولا انحراف، قال الله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣].
فالصراط المستقيم معتدل قائم، والسبل تخرج يمينًا وشمالًا، ولذلك من خرج عن الصراط المستقيم ضاع وتاه، قال الله تعالى:{كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى}[الأنعام: ٧١].
{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ (١١٩)} قال المؤلف -رحمه الله-: [أبقينا عليهما في الآخرين ثناءً حسنًا {سَلَامٌ} منا {عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٠)}] يقال في هاتين الآيتين ما سبق، قال: [{إِنَّا كَذَلِكَ} كما جزيناهما {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٢٢)} أيضًا نقول فيها كما سبق.
الفوائد:
١ - عظيم منة الله -عَزَّ وَجَلَّ- على موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام بالرسالة؛ لأن الرسالة من أعلى مقامات البشر، قال الله تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}. [النساء: ٦٩].
٣ - ومن فوائدها: أن منْ منّ الله عليه بإرث الأنبياء بالعلم، فإن ذلك من أعظم المنن، ولهذا قال أهل العلم: إن العلم أفضل من المال، فلو اجتمع عالم وغني، فالعالم أفضل من الغني حتى