للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النهاية، والملائكة أفضل باعتبار البداية، لأن البشر خلقوا من طين والملائكة من نور، والنور أشرف من الطين.

ثم قال الله تعالى مبينًا حكمهم الباطل الذي قد علم مسبقًا قبل أن يستفتوا قال: {أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ} هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: ألا، وإن، واللام.

أما (ألا) فإنها تأتي بلا شك للتوكيد، كما تأتي كذلك للتنبيه والاستفتاح، ولهذا يقال: ألا أداة استفتاح يراد بها التنبيه، والتوكيد، والتحقيق أي تحقق ما بعدها.

{أَلَا إِنَّهُمْ} أي هؤلاء الذين جعلوا الملائكة إناثًا، وهؤلاء الذين جعلوا لله البنات ولهم ما يشتهون {إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ} أي من كذبهم ليقولون ولد الله، وهنا قدم السبب على المسبب. السبب هو: الإفك، والمسبب القول، وقدم الإفك على القول لأهميته، ومن أجل أن يتبين للإنسان بطلانه من قبل أن يؤتى به، وإلا فمقتضي السياق أن يقال: "ألا إنهم ليقولون ولد الله"؛ لأن (ليقولون) خبر إن، وكان مقتضى السياق أن تباشر الاسم، لكن أخرت لبيان أن هذا القول باطل، حتى يرد على الذهن، وقد علم بطلانه، و (من) هنا للسببية، أي: ألا إنهم بسبب إفكهم.

ويجوز أن تكون للتبعيض، يعني: ألا إنهم ليقولون هذا القول المأفوك من جملة إفكهم؛ لأن إفكهم كثير، فهم جعلوا لله ولدًا، وجعلوا لله شريكًا، وجعلوا لله زوجة، وكل هذا من الإفك.

فالحاصل أن {مِنْ}: يجوز أن تكون للتبعيض، ويجوز أن

<<  <   >  >>