للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعلم، والثاني: وصف بالحلم. والذي وصف بالحلم سيأتينا إن شاء الله بيان منه، وأما الذي وصف بالعلم فهو إسحاق عليه الصلاة والسلام، كما تفيد الآيات التي جاء في سياقها.

{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} الضمير في {بَلَغَ} يعود على الغلام والضمير في {مَعَهُ} يعود على إبراهيم. والسعي إما أن يراد به الكسب، وإما أن يراد به المشي، وكلاهما صحيح، ولكن الأقرب عندي أن المراد به المشي، فإن السعي يطلق على المشي كثيرًا، كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] وكذلك قال تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٠٥] فالمراد بالسعي: يعني المشي، ولكن كلمة مع: تفيد المصاحبة، يعني صار تابعًا لأبيه يسير معه؛ لأن ليس صغيرًا، قد مكث في مكانه، وليس كبيرًا انفرد بنفسه، فالصغير الذي في المهد لا يبلغ السعي مع أبيه، والكبير الذي انفرد يبلغ السعي لا مع أبيه لأنه منفرد، أما هذا فقد بلغ مع أبيه السعي، وكان ملازمًا له، وهذا أشد ما يكون الأب تعلقًا بابنه إذا كان في مثل هذا السن؛ لأن الصغير الذي في المهد لا تتعلق به النفس تمامًا، والكبير الذي انفرد كذلك لا تتعلق به النفس تمامًا، وإنما تتعلق بمن كان في متل هذا السن، وهذه من حكمة الله عز وجل أن ابتلي إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه بهذا البلاء المبين.

قال: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} قال المؤلف -رحمه الله-[أي أن يسعى معه ويعينه، قيل: بلغ سبع سنين، وقيل: ثلاث عشرة

<<  <   >  >>