للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصح أن تتعلق بالمرسلين؛ لأنه كان مرسلًا قبل أن ينجى {وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤)} أي أهل بيته {إِلَّا عَجُوزًا} مستثنى من أهل، فإنها لم تنج، وذلك لأنها كانت كافرة على دين قومها, ولهذا وصفها الله تعالى في سورة التحريم بالخيانة، والمراد بالخيانة الخيانة في الدين لا في العرض {عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (١٣٥)} قال المؤلف -رحمه الله-: [أي الباقين في العذاب] وذلك أن لوطًا -عليه الصلاة والسلام- أمر أن يخرج من القرية هو وأهله إلا امرأته، فبقيت المرأة فأصابها ما أصاب قومها من العذاب، ولهذا قال: {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (١٣٥)} أي: من جملة الغابرين الذين هلكوا {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦)} كلمة دمرنا تفيد معنى عظيمًا وهو أن هذا الإهلاك كان إهلاك تدمير لم يبق لهم قائمة بعده، وهي أشد وقعًا في النفوس من (أهلكنا) فهي كقوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦)} [الإسراء: ١٦] وأمر الله مترفيها أمر قدري وليس شرعي كما قاله بعض الناس، وليس المعنى كما قال بعضهم: أمرناهم بالشرع ففسقوا, لأن هذا يقتضي أن الله تعالى أمر بالشرع من أجل الفسق، والله تعالى أمر بالشرع من أجل الطاعة، ولكن الأمر هنا أمر كوني لقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢] {الْآخَرِينَ (١٣٦)} أي كفار قومه، وذلك أن الله سبحانه وتعالى أرسل عليهم حجارة من سجيل تضرب بيوتهم وتهدمها حتى جعل عاليها سافلها، لأن البناء إذا تهدم صار أعلاه أسفله، فدمروا حتى هلكوا عن آخرهم، وهذا الجزاء موافق مناسب للعمل, لأن هؤلاء كما

<<  <   >  >>