للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: لو كان لله ولد لكان جزءًا منه، وكان مستحقًّا للعبادة، كما استحق ذلك والده.

ثانيًا: لو اتخذ الله ولدًا لكان هذا الولد حادثًا، والحدوث يمتنع أن يكون جزءًا من الله، لأن الله لم يزل ولا يزال موجودًا بذاته -سبحانه وتعالى-، فإذا قدر أنه اتخذ ولدًا صار هذا الولد حادثًا، فكيف يكون حادثًا وهو جزء من الله، لأن الولد جزء من الوالد، كما قال الله تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} [الزخرف: ١٥] وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن فاطمة بضعة مني" (١).

ثالثًا: يمتنع أيضًا أن يتخذ الله ولدًا، لأن الولد لابد أن يكون مشبهًا لأبيه، والله -سبحانه وتعالى- ليس له شبيه ولا يماثله أحد.

رابعًا: الولد إنما يتخذه من يحتاج إليه لبقاء النوع، والله -سبحانه وتعالى- غير محتاج لأحد، ولهذا إذا كان الإنسان عقيمًا انقطع أثره من الدنيا، لكن إذا كان ولودًا وتولد له ولد بعد ولد بقي أثره في الدنيا، ولهذا كان التوالد بين البشر هو السبب الوحيد لبقاء النوع الإنساني، فهذه وجوه أربعة عقلية تدل على امتناع الولد على الله سبحانه وتعالى.

{أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦)} هذا إضراب انتقالي، بل ألكم. والإضراب الانتقالي انتقل الله -عز وجل- من توبيخهم على ما


(١) أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس، باب ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣١١٠)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها السلام (٢٤٤٩) (٩٣).

<<  <   >  >>