للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجل-: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٣)} [الإسراء: ٣] هذا ثناء أعظم ما يكون من الثّناء، وأشرف ما يكون من الفخر أن الله يصف واحدًا من بني آدم فيقول: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٣)} يعني: قائمًا بالعبودية، وقائمًا بالشكر، -عليه الصَّلاة والسلام-. فالله أبقى عليه ثناء حسنًا في الآخرين إلى آخر الأمم بل إلى يوم القيامة؛ لأنَّ هذا الكتاب سيبقى إلى أن يرفعه الله عند قرب قيام الساعة.

{فِي الْآخِرِينَ (٧٨)} [من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة]، والظاهر من الآيات الكريمة أن جميع الأنبياء الذين جاءوا من بعد نوح -عليه الصَّلاة والسلام- كان يذكر فيهم نوح بالثناء الحسن، فتكون الأنبياء كلهم والأمم يطرون نوحًا -عليه الصَّلاة والسلام- بما أثنى الله به عليه؛ لأنَّه مذكور في كل الكتب {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩)} (سلام) مبتدأ، ونُكِّر من أجل التعظيم أي: سلام عظيم، لأنَّه سلام من الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وهذا السَّلام معناه: أن الله سلَّمه من القوادح التي تقدح فيه، وحل محل هذه القوادح من البشر الثّناء من الله -سبحانه وتعالى-، فجمع الله له بين أمرين:

الثّناء، وبين تسليمه مما يقدح فيه، ولهذا نقول: {سَلَامٌ} بمعنى تسليم، أي: أن الله سلمه من كل ما يضره من القوادح التي تقدح فيه من بني آدم.

{فِي الْعَالَمِينَ (٧٩)}. المراد بالعالمين هنا: مَن بعد نوح لا مَن قبله فيما يظهر، وعلى هذا فيكون عامًّا يراد به الخاص.

{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠)} المراد بالجمع {إِنَّا}

<<  <   >  >>