للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشمس والقمر أعظم من خلق الإنسان.

قال المؤلف: [وفي الإتيان بمن تغليب العقلاء]، أي في قوله {أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} ولم يقل: أما خلقنا. تغليبًا للعقلاء، وذلك أن ما خلقهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيهم العقلاء وفيهم غير العقلاء، يعني فيهم من يعقل وفيهم من لا يعقل. فالملائكة والجن يعقلون، والبهائم والجمادات لا تعقل، وإن كانت البهائم أقرب إلى العقل من الجمادات، ومع هذا كل هذه الأشياء لها عقل تدرك به خالقها -عَزَّ وَجَلَّ-، كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤] وأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن جبل أحد يحب النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - يحبه (١). وغلب العقلاء مع أنهم الأقل لأنهم أفضل وأشرف.

قال: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ} قال المؤلف -رحمه الله-: [أي أصلهم آدم {مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (١١)} لازب يلصق باليد، المعنى أن خلقهم ضعيف فلا يتكبرون بإنكار النبي والقرآن المؤدي إلى هلاكهم اليسير]. لما قال: {أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} بين أصل خلقهم ليبين هل هم أشد أم من خلق الله؟

والحقيقة أن الجملة {أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} تحتاج إلى وقفة بالنسبة للإعراب. الهمزة للاستفهام و (هم): مبتدأ و (أشد): خبر، (خلقًا): تمييز. لأن أفعل إذا جاء الاسم بعدها منصوبًا فهو


(١) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب خرص التمر (١٤٨٢). ومسلم، كتاب الحج، باب أحد جبل يحبنا ونحبه (١٣٩٢، ١٣٩٣).

<<  <   >  >>