للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمييز. وأما (من خلقنا) فهذا هو المعادل، ولهذا فالهمزة هنا للتسوية يعني أيستوي هم ومن خلقنا؟ والجواب: لا. لا يستوون. بل من خلق الله أعظم. والله أعلم.

الفوائد:

١ - في هذه الآية الكريمة: ما يدل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكلف بالإبلاغ والمحاجة؛ لقوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ} وهو كذلك، فإن الله أمره أن يبلغ ما أنزل إليه من ربه {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧] وأمره أن يجادل قومه {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] وأخبر بأنه يحاجهم لقوله: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [آل عمران: ٢٠].

٢ - ويتفرع على هذه الفائدة: أن وظيفة أهل العلم الذين ورثوا علمه كوظيفته في هذا الباب فيلزمهم محاجّة أهل الباطل ومقارعتهم.

٣ - ويتفرع على ذلك: أن العلم نوع من الجهاد في سبيل الله؛ لأن طالب العلم يحاجُّ أعداء الشريعة بالحق ليدحض به باطلهم، وأحيانًا يكون الغزو الفكري أعظم فتكًا من الغزو المسلح كما هو مشاهد، فإن الغزو الفكري يدخل كل بيت باختيار صاحب البيت بدون أن يجد معارضة أو مقاومة، لكن الغزو العسكري لا يدخل البيت، بل ولا يدخل البلد إلا بعد قتال مرير ومدافعة شديدة، فأعداء المسلمين يتسلطون عليهم -أحيانًا- بالغزو المسلح بالقتال وهذا يمكن التحرز منه، وأحيانًا بالغزو الفكري وهو أشد وأنكى من الغزو المسلح؛ لأنه يصيب المسلمين في قعر

<<  <   >  >>