للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب التهكم بهم، كأنهم نصبوا أنفسهم حكمًا يحكمون بما يشاؤون، وهذا كقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)} [الدخان: ٤٩] على أحد القولين في تفسيرها، وإلا فإن هؤلاء ليسوا أهلًا للاستفتاء فضلًا على أن يستفتوا عن هذا الأمر العظيم، لكن هذا من باب التهكم ثم بين المستفتي عنه فقال: {أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩)} والاستفهام هنا للتوبيخ، يعني يوبخهم على هذا الحكم المعلوم من قبل، لأنهم جعلوا لله البنات، وجعلوا لهم البنين، ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: [{فَاسْتَفْتِهِمْ} استخبر كفار مكة توبيخًا لهم] هذا يعود على الاستفهام، وأما التهكم فتوجيه الاستفتاء إليهم قال: {أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩)} بزعمهم أن الملائكة بنات الله، {وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩)} فيختصون بالأسنى] أي بالأشرف، يعني هل هذا حكم صحيح عادل، أو حكم باطل جائز؟ والجواب: معلوم لكل أحد أن هذا حكم باطل جائر، ولهذا قال الله تعالى في سورة النجم: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: ٢١، ٢٢] أي جائرة.

وقوله: {وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩)} ليست الجملة حالية، بل هي معطوفة على الجملة التي قبلها، فهي داخلة في ضمن الاستفهام، يعني كيف يكون لله البنات ولهم البنون، فإن هذا حكم جائر، ولهذا قال: {أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠)} (أم) هنا منقطعة، و (أم) المنقطعة هي التي تكون للإضراب، ولهذا تقدر بـ (بل) والهمزة، فمثلًا: أم خلقنا الملائكة، تقدير الكلام:

<<  <   >  >>