للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقودها إلى ما فيه الخير والصلاح، ويذودها عما فيه الشر والفساد، وإذا كان الإنسان يجب عليه أن يرعى من ولاه الله عليهم من بني آدم ومن البهائم، فوجوب رعاية نفسه من باب أولى، ولهذا بدأ بالنفس في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}. [التحريم: ٦].

٤ - ومن فوائد الآية: إطلاق الظلم على الكفر، مع أن الظلم أعم من الكفر، ولكن المراد به هنا الظلم المطلق الذي أشار الله إليه في قوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)} [البقره: ٢٥٤] فالظلم المطلق هو ظلم الكافر، والظلم المقيد هو ظلم الفاسق، فالمعاصي ظلم لكنها ظلم مقيد، فمثلًا يقال: هذا ظالم نفسه بأكل الربا، هذا ظالم نفسه بفعل الزنا، هذا ظالم نفسه بالاعتداء على الخلق، وهكذا، أما الظلم المطلق فهو ظلم الكافر؛ لأن الكافر -والعياذ بالله- لم يأتِ بعدل إطلاقًا حتى يقال: إن ظلمه ظلم مقيد.

{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤)} هذه الجمل عن شجرة الزقوم بينها انقطاع بلاغي؛ لأن الاتصال هو العطف بالواو، وهنا كل جملة مستقلة، والحكمة من ذلك من أجل أن يعلم الإنسان عن هذه الشجرة من كل آية بصفة مستقلة، كأن كل صفة مستقلة تغني عن بقية الصفات. فكونها فتنة للظالمين هذا من أعظم ما يكون من الأوصاف التي يخاف منها عند إنكار هذه الشجرة، {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤)} قال المؤلف -رحمه الله-[أي: قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها]،

<<  <   >  >>