للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكذبهم الله -عز وجل- في قولهم هذا، وهم بلا شك كاذبون، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أعقل الناس، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بقول ليس بشعر، بل أتى بكلام الله -عز وجل-، ولهذا قال تعالى: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقّ} (بل) هذه للإضراب الإبطالي، أي بل كذبتم فيما قلتم، وإنما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحق، والباء هنا للمصاحبة يعني جاء مصحوبًا بالحق، فقوله حق وما جاء به أيضًا حق، فكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: هذا من عند الله. نقول: هذا حق هو صادق، وما يشتمل عليه القرآن فهو حق وضده الباطل، فالحق هنا وصف لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- إنه رسول الله، ووصف لما جاء به، فيكون وصفًا للخبر والمخبر به، فخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن هذا القرآن من عند الله نقول: حق، وما جاء به أيضًا فهو حق، وذلك لأن القرآن مشتمل على كمال العدل وكمال الصدق، كما قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: ١١٥] فتكون الأحقية هنا من جهتين: من جهة الخبر، ومن جهة المخبر به، الخبر أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا من عند الله حق ليس فيه كذب، المخبر به: أن ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكله حق متضمن للحق، ليس فيه باطل، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: ١١٥] فالصدق وصف للأخبار، والعدل وصف للأحكام، والقرآن كله إما خبر وإما حكم، فخبره صدق وحكمه عدل.

{وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧)} قال المؤلف -رحمه الله-: [الجائين به وهو أن {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} صدّق أي النبي - صلى الله عليه وسلم - المرسلين الذين أرسلوا من قبله] وكيف صدقهم؟ نقول لتصديقه المرسلين

<<  <   >  >>