للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥)} [المؤمنون: ١٥] وهل الموت متردد فيه أو منكر؟ أبدًا، لا يتردد فيه ولا ينكره أي أحد من النَّاس، إذًا فلماذا يؤكد؟ لأنَّ المخاطب قد تكون حاله حال المنكر لعدم استعداده للموت، فيؤكد له الخبر.

{فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا} هنا أكد الله -عَزَّ وَجَلَّ- أنهم سيأكلون؛ لأنَّ المقام مقام استبعاد للأكل، فقد يستبعد الإنسان أن يأكل هؤلاء من هذه الشجرة التي تخرج في أصل الجحيم وطلعها كأنه رؤوس الشياطين. فأكد الله ذلك بـ (إن) و (اللام) وأتى أيضًا بالجملة الاسمية الدّالة على استمرار أكله.

٣ - من فوائد الآية الكريمة: أن الله يعذب أهل النَّار بالأكل من هذه الشجرة بكونهم لا يشبعون، لقوله: {فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣)} فلا يأكلون منها بقدر الضرورة كما يأكل المضطر من الميتة بقدر الضرورة، ولكن يأكلون أكلًا يملأ بطونهم، كلما فرغ البطن قليلًا أكلوا.

* * *

{ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (٦٧)} (ثم): حرف عطف يدل على الترتيب والتراخي، مما يدل على أنهم إذا أكلوا عطشوا، وإذا عطشوا لا يأتيهم الماء في الحال، بل يأتيهم بعد مهلة بيّنها الله -عَزَّ وَجَلَّ- بقوله: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: ٢٩] فهم ليسوا إذا أكلوها وعطشوا بها أعطوا الماء بسرعة، بل يستغيثون ويدعون أن يأتيهم ماء يبرد عليهم لهيب العطش، ولكن إذا أعطوا هذا الماء يعطونه شوبًا من حميم،

<<  <   >  >>