للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم: ٢٢] فهؤلاء المتبوعون يجعلون اللوم كله على الأتباع، ونحن إذا نظرنا إلى الواقع وجدنا أن اللوم يكون على الأتباع وعلى المتبوعين، أما المتبوعون فإنهم زينوا لهم أعمالهم ودعوهم واستضعفوهم حتى أمالوهم إلى الباطل، وأما الأتباع فإنهم لم يجبروا على ذلك ولم يسخروا عليه، بل هم الذين تبعوا هذا باختيارهم، فكان على كل واحد من اللوم ما يتناسب وفعله، {بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (٣٠){بَلْ} هذه للإضراب الانتقالي لا لإبطال ما سبق، بل للانتقال من شيء إلى آخر فكرروا عليهم، قالوا في الأول: {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩)} وقالوا الآن: {بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (٣٠)} والطاغي هو الذي تجاوز حده، كما قال الله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)} [الحاقة: ١١] يعني لما تجاوز حده، فهم يصفونهم بأنهم طاغون أي متجاوزون لحدهم الذي ينبغي أن يكونوا عليه وهو اتباع الرسل لا أتباع هؤلاء المضلين. وقول المؤلف [ضالين] فيه نظر، لأن الطغيان أمر زائد على الضلال. فالصواب أن {طَاغِينَ (٣٠)} بمعنى المتجاوزون للحد الذي ينبغي أن يكونوا عليه من أتباع الرسل.

{فَحَقَّ} وجب {عَلَيْنَا} جميعًا {قَوْلُ رَبِّنَا} حق علينا أي ثبت ووجب وصار حقًّا ليس فيه ظلم ولا باطل، {قَوْلُ رَبِّنَا} يعني أن كل من خرج عن طاعة الله وكذب بآياته فهو في النار.

قال المؤلف -رحمه الله-: [و {قَوْلُ رَبِّنَا} بالعذاب أي قوله {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)}]. [السجدة: ١٣] هذا على ما قال المؤلف هو المراد بقولهم: {قَوْلُ رَبِّنَا}

<<  <   >  >>