للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{الْمَشْحُونِ (١٤٠)} يعني المملوء من الركاب، فركب البحر مغاضبًا لقومه لما لم ينزل بهم العذاب الذي وعدهم به، فركب السفينة فوقفت في لجة البحر، فقال الملاحون: هنا عبد أبق من سيده تظهره القرعة، هكذا قال المؤلف -رحمه الله-: إن السفينة وقفت في لجة البحر، وأن وقوفها كان بسبب إيباق يونس. فقال الملاحون وهم قواد السفينة: هنا عبد أبق من سيده تظهره القرعة، ولكن ما ذكره المؤلف -رحمه الله- ليس عليه دليل، وهو من الإسرائيليات البعيدة، بل إن هذه السفينة المشحونة لما كانت في عرض البحر وهي مملوءة وصارت في لجة البحر ثقل الحمل، وإذا ثقل الحمل فلابد من أحد أمرين: إما أن يخفف الحمل، وإما أن يغرق الجميع، ولا شك أن تخفيف العمل أولى من غرق الجميع؛ لأنه إذا خفف الحمل نجا من بقي، وإذا بقي الحمل على ما هو عليه غرق الجميع، وبقاء البعض أولى من هلاك الكل، وهذا أمر عقلي، فاقترعوا إذ ليس إلقاء بعضهم في البحر أولى من إلقاء الآخر، فلا سبيل حينئذ إلى التخلص من هذه المشكلة إلا بالقرعة، فاقترعوا {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١)} اقترعوا أيهم الذي يلقى. ومن المعلوم أننا إذا علمنا من يلقى علمنا من يبقى، ولهذا قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١)} قال المؤلف -رحمه الله-: [ساهم أي قارع أهل السفينة {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١)} المغلوبين بالقرعة فألقوه في البحر].

وظاهر صنيع المؤلف -رحمه الله- أنه لم يلق أحد سوى يونس، ولكن الآية تدل على خلاف ما يدل عليه كلام المؤلف،

<<  <   >  >>