[هرب {إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠)}: السفينة المملوءة حين غاضب قومه] {إِذْ أَبَقَ} يحتمل أن تكون {إِذْ} متعلقة بالمرسلين، أي لمن المرسلين في هذه الحال، أي أن إيباقه لم يسلبه الرسالة، ويحتمل أنها متعلقة بمحذوف تقديره: اذكر إذ أبق إلى الفلك المشحون. وهذا أحسن أن تكون متعلقة بمحذوف؛ لأنه لما أثبت رسالته بين حالًا من حالاته وهو إيباقه عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا فنقول {إِذْ أَبَقَ} ليست متعلقة بالمرسلين، لأن رسالته كانت قبل أن يأبق، لكنها متعلقة بمحذوف، التقدير: اذكر إذ أبق، والإيباق هو الهرب، وكأنه عليه الصلاة والسلام خرج مسرعًا؛ لأنه خرج مغاضبًا لقومه حين لم يؤمنوا ولم ينزل بهم العذاب. قال:{الْفُلْكِ} يعني السفينة وهي مراكب الماء، وقد أنعم الله على العباد بالفلك تجري في البحر بأمره، تحمل الأرزاق من جهة إلى جهة، وامتن الله بها على العباد وعظمت منته في عصرنا الحاضر، فإن الفلك في عصرنا الحاضر ليس كالفلك فيما سبق، فالفلك كان على الشراع والهواء، وكان له معوقات وفيه مخاطر عظيمة. أما الفلك الآن فعلى العكس من ذلك، ومنَّ الله أيضًا بالفلك على عباده في عصرنا الحاضر بأن تنوعت هذه الفلك فصارت فلكًا مائيًا، وفلكًا بريًّا، وفلكًا هوائيًّا، فالهوائي الطائرات، والبري السيارات، والمائي السفن، وكل هذا داخل في قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}. [الزخرف: ١٢ - ١٣].