للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني: ماءً حارًّا حرارة عظيمة، والشوب: وهج النَّار. وهذا الوهج يبينه الله في الآية التي سقتها إذا قرب الماء من وجوههم ليشربوه شوى وجوههم -والعياذ بالله- شواها حتَّى إن لحومها لتتساقط من شدة حرارته، فإذا شربوه فإن أمعاءهم تستقبله لكنها تتقطع به {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (١٥)} [محمد: ١٥] كل هذا سيكون، ليس خبر الأولين، ولهذا يجب علينا إذا قرأنا مثل هذه الآيات أن نشعر بأن هذا هو علم اليقين، وأنَّه سيكون حق اليقين، هذا الأمر بعد أن يعطشوا ويستغيثوا لا يغاثون بماء بارد ولا بماء عذب، بل بشوب من حميم أي: ماءً حارًا، فيشربونه فيختلط بالمأكول منها فيصير شوبًا له، فسر المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- الشوب هنا بالخلط، ومنه شبت الماء باللبن أبي خلطه، وهو يصلح بهذا وهذا، فهو خلط، وهو أيضًا وهج حرارة هذا الحميم كل ذلك يكون، فالوهج يكون قبل الشرب، والشوب بعد الشرب.

{ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨)} يعني ثم بعد ذلك مرجعهم إلى الجحيم، والجملة جملة اسمية لم يقل ثم يرجعون، بل قال: {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨)} مؤكدة بمؤكدين وهما: (إنّ) و (اللام)، وهذا التَّرتيب فيُه إشكال، فهل هو ترتيب ذكري أو هو معنوي؟ المؤلف يرى أنَّه ترتيب معنوي؛ أي: أنهم يخرجون من النَّار لشرب الحميم، ويحتمل أن يكون ترتيبًا ذكريًّا يعني بعد أن ذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ- ما لهم من هذا العذاب بين أن مرجعهم في يوم القيامة إلى هذا الجحيم لا يرجعون إلى سواه. أما المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- فيقول: [يفيد أنهم يخرجون منها لشرب الحميم وأنَّه

<<  <   >  >>