للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكذب، ويحملكم على هذا الإفك، وهو أسوأ الكذب.

والمعنى: أتريدون آلهة دون الله تعبدونها، فالإرادة هنا بمعنى القصد، والآلهة بمعنى المألوهة أي: المعبودة تريدون ذلك للإفك الذي أفكتموه وهو أسوأ الكذب، ولا شك أن أسوأ الكذب وأظلم الكذب من جعل مع الله إلهًا آخر فإنَّه أكذب الكاذبين، وأظلم الكاذبين، قال الله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)} [لقمان: ١٣] وهنا قال: {دُونِ اللَّهِ} أي سواه وغيره، وربما تشعر بدون المنزلة أنَّها لا تساوي الله عزَّ وجل فكيف تريدونها آلهة وتقصدونها.

{فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)} الاستفهام هنا استفهام تهديد على كلام المؤلف، يعني ماذا تظنون أن الله فاعل بكم إذا عبدتم غيره، أتظنون أن يترككم؟ والجواب: لا.

ويحتمل أن المعنى إذا اتخذتم مع الله غيره إلهًا فما ظنكم به؟ أتظنون أنَّه يقبل هذه الشركة، فالله -عَزَّ وَجَلَّ- لن يقبل، قال الله تعالى: في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (١).

أو {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)}؟ فما ظنكم بعظمته وجلاله، لو كنتم عظمتموه حق تعظيمه ما أشركتم به غيره.

فالاستفهام في قوله: {فَمَا ظَنُّكُمْ} تشمل كل هذه المعاني:


(١) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله (رقم ٢٩٨٥) (٤٦).

<<  <   >  >>