للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالله -عز وجل-، لكن الذي إيمانه غير راسخ ولا ثابت هو الذي تضلله هذه الدعايات.

* * *

قال الله -عز وجل-: {وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (٣٠)} (ما) نافية و (كان) فعل ماض يرفع المبتدأ وينصب الخبر، و (من سلطان) اسمها المؤخر مجرور بحرف من الزائد إعرابًا، و (لنا) خبر مقدم. خلافًا لمن قال: إن (ما) حجازية و (كان) زائدة، لأنك لو قلت: (وما لنا عليكم من سلطان) لصح الكلام، لأن (كان) هنا مراد وجودها لأنها تدل على زمن مضى، بخلاف ما لو سقطت فإنها لا تدل على الزمن الماضي، فإن الجملة لا تدل على الزمن الماضي، فيتعين هنا أن تكون (ما) نافية و (كان) فعل ماض غير زائد.

قوله: {وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} المؤلف -رحمه الله-: [أي من قوة وقدرة تقهركم على متابعتنا]، واعلم أن السلطان بمعنى السلطة، وهو في كل موضع بحسبه فتارة يراد بالسلطان العلم، كما في قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣] أي من دليل وبرهان، وتارة يراد به القدرة والقوة والغلبة كما في هذه الآية، يعني ليس لنا عليكم من سلطان نقهركم حتى تتبعونا، بل أنتم اتبعتمونا باختياركم وإرادتكم فكأنهم يقولون: لا تلومونا ولوموا أنفسكم، كما قال الشيطان لما قضى الأمر {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ

<<  <   >  >>