للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧)} أي: أعطيناهما الكتاب المستبين، وهو التوراة وسماه كتابًا؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- كتبه بيده كما جاء ذلك في بعض الآثار (١)، فالله سبحانه وتعالى كتب التوراة بيده، قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٤٥] فهي إذًا كتاب بمعنى مكتوب، ووصفه بأنه مستبين لأنه فيه تبيان كل شيء يحتاج إليه بنو إسرائيل، والمستبين أبلغ من المبين أو البيِّن؛ لأنه كلما كثرت الحروف كثرت المعاني في الغالب، ولهذا يقال: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، لكن هذا ليس دائمًا، بل في الغالب، فمثلًا كلمة (شجرة) حروفها أكثر من شجر ومع ذلك شجر أكثر من شجرة، وكذلك بقر ونمل وما أشبهه.

يقول الله تعالى: {الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧)}.

قال المؤلف -رحمه الله-: [البليَغ البيان] أتى المؤلف بكلمة: البليغ: البيان من قوله: {الْمُسْتَبِينَ (١٧)} لأن زيادة حروفها تدل على زيادة معناها [فيما أتى به من الحدود والأحكام وغيرها] , ولهذا يقال: إن أشمل كتاب بعد القرآن هو التوراة، وقد جعلها الله تعالى عمدة لبني إسرائيل {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} [المائدة: ٤٤].

{وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨)} الصراط: الطريق لكن


(١) أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام (٢٦٥٢) (١٣).

<<  <   >  >>