للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال العلماء: إنه ليس كل طريق صراطًا، بل هو الطريق الواسع المستقيم المعتدل، الذي ليس فيه اعوجاج، وذلك لأنه مأخوذ من سرط أو زرط بمعنى التقمته بسرعة، فالطريق الواسع المستقيم العدل يسمى صراطًا، ولا شك أن صراط الله -عَزَّ وَجَلَّ- الذي وضعه لعباده طريق واسع يسع كل من تمسك به.

وقوله: {وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ} ولم يقل إلى الصراط؛ لأن المراد بذلك هداية التوفيق وهداية الدلالة، وإذا كان المراد بالهداية الهدايتان فإنه يتعدى بنفسه، فيقال: اهدنا الصراط. وانظر إلى قوله تعالى في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة: ٦] وقال في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)} [الشورى: ٥٢] فإذا كانت الهداية بمعنى الدلالة تعدت بإلى، وإذا كانت بمعنى الدلالة والتوفيق تعدت بنفسها. ثم إنها إذا تعدت بنفسها تفيد الهداية إلى الصراط والهداية في الصراط، فتفيد المعنيين جميعًا: إلى الصراط بحيث يصل الإنسان إليه، وفيه بحيث لا يتجاوزه ولا يخرج عنه.

فحذف الجار فيه هذه الفائدة أن يكون أعم مما لو تعين الجار، فيكون شاملًا لهدايته إليه وللهداية فيه.

وقوله: {الْمُسْتَقِيمَ} وإذا جعلنا الصراط هو الطريق الواسع المعتدل صارت المستقيم بيانًا للواقع وصفة كاشفة؛ لأن لو حذفت وقيل: الصراط. لاستغني عنها إذا فسرنا الصراط بما ذكرنا.

أما إن فسر الصراط بمطلق الطريق فلابد من ذكرها.

<<  <   >  >>