للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: إن ضمير الشأن يقدر بحسب السياق إن كان مفردًا مذكرًا فهو مفرد مذكر، وإن كان جمعًا فهو جمع، وبناء على هذا يكون تقدير الآية هنا: وإنهم كانوا ليقولون. (كانوا) فعل ناقص، الواو هي الاسم، واللام في قوله ليقولون لام التوكيد، وجملة يقولون: خبر كان، وكان واسمها وخبرها خبر إن المخففة من الثقيلة.

{كَانُوا} أي كفار مكة {لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩)} يعني لو نزل علينا الكتاب ككتب الأولين لكنا عباد الله المنقادين لشرعه المخلصين له.

ولكن هذه الحجة مردودة بقوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ} [الأنعام: ١٥٥ - ١٥٧] إذًا هذه الدعوة منهم مكابرة؛ لأنه أنزل عليهم كتاب أهدى الكتب وأقوم الكتب، ومع ذلك كفروا به {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨)} أي ما يذكرنا، والذي يذكر هو الكتاب، قال الله تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنبياء: ٥٠] فالمراد بالذكر هنا ما يتذكر به الإنسان وهو الكتاب، وقوله: {مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨)} قال المؤلف: [من كتب الأمم الماضية] فيكون على تقدير مضاف من الأولين أي من كتبهم، وليس منهم أنفسهم، بل من الكتب التي نزلت إليهم، لو أن عندنا من هذا شيئًا {لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩)} اللام واقعة في

<<  <   >  >>