للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أنهم يمرون على ديار الذين أهلكوا يشبه المنكر والمكذب، فنزلوا منزلة المنكر المكذب؛ لأنهم لم يعتبروا, ولم ينتفعوا بهذا المرور، فهو كقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥)} [المؤمنون: ١٥]. فالموت لا ينكر، فكل يقر بالموت لكن العاصي فعله فعل المنكر؛ لأنه لم يرتدع ولم يقم بما يجب عليه.

{مُصْبِحِينَ (١٣٧)} حال. وأول المؤلف -رحمه الله- الإصباح هنا إلى النهار، فيكون من باب التعبير بالبعض عن الكل، ولكن قد ينازع في ذلك، ويقال: إن الناس يمرون عليهم مصبحين، لأن أكثر سير الناس في السفر يكون في الليل وفي أول النهار، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا" (١) والغدوة أول النهار، والروحة آخر النهار، فوسط النهار يكون المسافر نازلًا للراحة "وشيء من الدلجة" يعني أول الليل وفي آخر الليل يكون مستريحًا "والقصد القصد تبلغوا" يعني لا ترهقوا أنفسكم فتعجزوا "إن المنبت لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى".

فالأولى إبقاء الآية على ظاهرها وأنهم يمرون عليهم في الصباح أول النهار حين يكون السير أطيب {وَبِاللَّيْلِ} قال النحويون: إن الباء هنا بمعنى (في) فتكون للظرفية، و (في) تأتي بمعنى الباء فتكون للسببية مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت النار امرأة في


(١) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان, باب الدين يسر (٣٩) وكتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل (٦٤٦٣) واللفظ مركب من الموضعين.

<<  <   >  >>