للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وباطنًا، فقلبه منعَّم بالسرور، وبدنه منعَّم بالنضرة ولباس الحرير. {عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (٤٤)} {عَلَى سُرُرٍ} جمع سرير وهي الكراسي التي يجلس عليها، ولكن ليست كسرر الدنيا، بل {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥)} [الواقعة: ١٥] مخروزة من الذهب، ولا يمكن أن تتصور حسن هذه السرر؛ لأن فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وما لم يخطر على قلب بشر لا يمكن أن يتصوره الإنسان؛ لأنه فوق ما يتصور، فكل شيء تقدره من النعيم والحسن فالجنة أعلى وأعظم، وقوله: {مُتَقَابِلِينَ (٤٤)} حال من الضمير المستتر في قوله: {عَلَى سُرُرٍ} يعني: حال كونهم متقابلين، وهذا يدل على كمال أدبهم وسعة مجالسهم. على كمال الأدب؛ لأنهم متقابلون لا يولي أحدهم قفاه للآخر، كذلك أيضًا يدل على سعة المجالس؛ لأنهم إذا كانوا كثيرين وصاروا متقابلين لابد أن تكون الدائرة واسعة، إذًا فالمجالس واسعة مهما جاء من الناس، فإنها تسعهم ويتقابلون فيها، والظاهر أن جلوس الإنسان مع أهله وخاصته على هذا الوجه متقابلين لكمال أدبهم.

{يُطَافُ عَلَيْهِمْ} يطاف: فعل مضارع مبني للمجهول، ولم يذكر من يطوف عليهم، لكن ذكر في آية أخرى أنه {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (١٩)} [الإنسان: ١٩] نسأل الله من فضله. ولدان يعني: غلمان صغار كأنهم لؤلؤ مكنون، إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا من جمالهم وصفائهم وحسنهم. منثورًا لتفرقهم في خدمة أسيادهم. واللؤلؤ إذا نثر تبعثر في الأرض فهم متبعثرون في خدمة أسيادهم كل له عمل، وهذا يَسرُّ الإنسان أن

<<  <   >  >>