للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في تقدير الآية: [إلا جزاء ما كنتم تعملون]. وهذا أمر معلوم؛ لأن الذي عملوه كان وبان، إذ إن العمل كان في الدنيا ومضى، والجزاء في الآخرة، فهم لم يجزوا العمل نفسه، وإنما جوزوا جزاء العمل، ومن ثمَّ قال المؤلف: إلا جزاء ما كنتم تعملون.

وإذا قال قائل: ما الفائدة من أن يُعبَّرَ عن الجزاء بالعمل؟

قلنا: الفائدة في ذلك أمران:

الأمر الأول: أن يعلم بأن الجزاء من جنس العمل، فكما تدين تدان، فإذا عبر عن الجزاء بالعمل فإن هذا معناه أو مقتضاه أن هذا الجزاء بقدر العمل.

الفائدة الثانية: قوة التوبيخ لهؤلاء؛ لأن الجزاء من فعل غيرهم، فإذا عبر عنه بالجزاء فإنه يكون أهون بعض الشيء، لكن إذا عبر بالعمل عن الجزاء صار أشد في التوبيخ، كأنه يقال لهم: هذا فعلكم أنتم بأنفسكم، ولهذا عبر عن الجزاء بالعمل.

وقوله: {وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩)} من حيث الإعراب: نقول: إن (الواو) نائب فاعل في (تجزون)، و (ما): اسم موصول في محل نصب مفعول آخر؛ لأن جزاء تنصب مفعولين، ولكن هل هي من باب ظن التي مفعولاها أصلهما المبتدأ والخبر، أو من باب (كسا) التي مفعولاها ليس أصلهما المبتدأ والخبر؟

الجواب الثاني: لأنه لو قدرت أن الواو مبتدأ، و (ما) خبر ما صح الكلام.

{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)} قال المؤلف -رحمه الله-: [أي

<<  <   >  >>