للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين استثناء منقطع]، قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ} هذا استثناء منقطع، والاستثناء المنقطع هو الذي يحل محله، (لكن).

فإن قيل: لماذا لم يعبر بـ (لكن بدل إلا؟ مادام أن المعنى على الاستدراك؛ لأن الاستثناء منقطع فلماذا لم يؤت بحرف الاستدراك الأصلي الذي هو لكن؟

قلنا في الجواب على ذلك: إنه أتى ليفيد قوة اتصال الثاني بما بعده؛ لأن الأصل في الاستثناء الاتصال، والأصل في (لكن) الانقطاع. فإذا جاءت (لكن) فصلت بين ما قبلها وما بعدها، لكن إذا جاءت (إلا) صار في ذلك إشارة إلى قوة اتصال ما بعدها بما قبلها وهو كذلك، فإنه لما ذكر جزاء المجرمين ذكر جزاء المخلصين، وهذا من كون القرآن العظيم مثاني تثنى فيه المعاني المتقابلة إذا ذكر الوعيد ذكر الوعد، وإذا ذكر المؤمن ذكر الكافر، وإذا ذكرت الجنة ذكر النار، وهكذا، فهو مثاني، لأنه لو جاء الكلام على نسق واحد في ذكر الخوف والنار لغلب على القارئ جانب الخوف وأدى ذلك إلى القنوط من رحمة الله. ولو جاء الكلام على نسق واحد في الوعد والترغيب لأدى ذلك إلى الرجاء فيقع الإنسان في الأمن من مكر الله -عز وجل-. فكان القرآن يأتي بهذا وبهذا، جنبًا إلى جنب، من أجل أن يكون الإنسان دائمًا بين الخوف والرجاء.

وقوله: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ} المراد بالعبودية هنا عبودية الشرع، لأن العبودية نوعان:

عبودية القدر، وعبودية الشرع.

<<  <   >  >>