يعني لولا أنه كان من المسبحين بهذا اللفظ أو بغيره، وهذا أولى أن نقول بهذا اللفظ أو بغيره، أي: كان ممن يسبح الله -عز وجل-. إما قبل أن يلتقمه الحوت، أو في أثناء وجوده في بطن الحوت لولا هذا {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ} أي: في بطن الحوت {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)} لصار بطن الحوت قبرًا له إلى يوم القيامة. ولكن لوجود التسبيح السابق أنجاه الله سبحانه وتعالى، {فَنَبَذْنَاهُ} النبذ بمعنى الطرح والإلقاء، وهنا قال، {فَنَبَذْنَاهُ} بصيغة الجمع مع أن النابذ واحد، ولكن أتى بصيغة الجمع من باب التعظيم، وذلك لكمال صفاته وكثرة صفاته عظم نفسه، {بِالْعَرَاءِ} قال المؤلف -رحمه الله-: [أي ألقيناه من بطن الحوت بالعراء بوجه الأرض أي بالساحل من يومه، أو بعد ثلاثة، أو سبعة أيام، أو عشرين، أو أربعين يومًا].
(العراء) وجه الأرض، والمراد به وجه الأرض الذي ليس فيه ما يظل من شجر ولا بناء، وسمي عراء لعروه عما يكسوه من الأشجار والبناء، فبقي -عليه الصلاة والسلام- على الساحل ليس عنده بناء ولا أشجار تظله بل عراء، ولكن الله -سبحانه وتعالى- لطف به؛ لأن رحمة الله سبقت غضبه. {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}[غافر: ٧] وأما قول المؤلف: [إنه من يومه، أو بعد ثلاثة، أو سبعة، أو عشرين، أو أربعين يومًا] فهذه أقاويل وكلها ليس عليها دليل، لكن لا شك أن الله -سبحانه وتعالى- أبقاه في بطن الحوت ما شاء الله أن يبقى، وأما تعيين ذلك فلابد فيه