للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخلق ما يعملون فكيف يعبدون هذا المخلوق لله ويجعلونه شريكًا مع الله في العبادة؟ !

* * *

{قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧)} أي: قال بعضهم لبعض: {ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا}. الأمر هنا إن كان من الرؤساء فهو أمر حقيقي، وإن كان من غير الرؤساء أو من الرؤساء بعضهم لبعض فهو أمر مشورة والتزام، وليس أمر إلزام، وذلك لأن أمر الإلزام إنما يكون من الأعلى إلى من دونه. وقالوا: {ابْنُوا لَهُ} اللام هنا ليست للملك، ولكنها للتعليل أي ابنوا لأجله بنيانًا، هذا البنيان بنوه من أجل أن يملؤوه حطبًا ثم يوقدوه على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فبنوا بنيانًا وأضرموا النار في الحطب، كما أشار بعضهم على بعض، {فَأَلْقُوُه فِي الْجَحِيمِ} يقول المؤلف: [ابنوا له بنيانًا فاملؤوه حطبًا وأضرموه بالنار، فإذا التهب فألقوه في الجحيم في النار الشديدة]، قوله: {ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} هذه الآية فيها إيجاز حذف قدره المفسر، التقدير: [فاملؤوه حطبًا وأضرموه بالنار، فإذا التهب فألقوه في الجحيم]، وفي الإتيان بالفاء عقب قوله: ابنوا له بنيانًا، وحذف ما توسط بينهما إشارة إلى أنهم أرادوا الإسراع العظيم في هذا الأمر، كأنهم قالوا: ابنوا بنيانًا وألقوه مباشرة، وليس يلقى بالبنيان فقط ليتمتع فيه، ولكن بعد إيقاد النار فيه، وإنما أرادوا بهذا الإسراع والمبادرة كأنهم طووا ذكر ما بين البناء والإلقاء لعدم وجوده من سرعة المبادرة.

ويدل بذلك أيضًا قوله: {فَألْقُوهُ} والفاء تدل على الترتيب

<<  <   >  >>