للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١] ولم يقل: اعبدوا الله، إقامة للدليل عليهم بالربوبية.

٣١ - ومن فوائدها: أن أعمال العباد مخلوقة لله لقوله: {خَلَقَكُمْ وَمَا تَعمَلُونَ} سواء جعلنا (ما) مصدرية، أم موصولة، إن جعلناها مصدرية فالأمر واضح: خلقكم وخلق عملكم، وإن جعلناها موصولة فلأن خلق المعمول فرع عن خلق العمل، فإذا كان معمولك الذي باشرت أنت عمله مخلوق لله فكيف بعملك الذي كان من عند الله، وفي هذه الآية رد على القدرية الذين أنكروا أن يكون لله -سبحانه وتعالى- شأن في أعمال بني آدم، وقالوا: إن الإنسان مستقل بعمله، وليس لله فيه إرادة ولا خلق.

٣٢ - وفي الآية رد على الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، لقوله: {تَعْمَلُونَ} حيث أضاف العمل إليهم، وإضافة العمل إلى الإنسان تقتضي أنه هو العامل وهو الفاعل حقيقة وهو كذلك.

فالإنسان حقيقة هو الذي يعمل ويفعل ويريد ويختار، ففي الآية الكريمة رد على الطائفتين المنحرفتين، وأهل السنة والجماعة قالوا: إن الإنسان له قدرة واختيار وإيجاد لعمله، ولكن الذي خلقه وخلق هذه القدرة والإرادة هو الله، ففعله يضاف إلى الله خلقًا وتقديرًا، ويضاف إليه إيجادًا ومباشرة، فهو مضاف إلى العبد باعتبار، ومضاف إلى الله باعتبار آخر.

٣٣ - ومن فوائدها: ما سبقت الإشارة إليه وهو إقامة الحجة على أهل الباطل بباطلهم عن طريق العقل، فإذا كان الله خلقهم

<<  <   >  >>