للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينسب القول للجميع، وإن كانوا لم يقولوا به لأنهم راضون به، إن ادعى مدع ذلك فله وجه، لكن إن كان القائل يجمع بين الوصفين فقد تناقض.

* * *

قال الله تعالى: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩)} هذه الجملة مؤكدة بمؤكدين: أحدهما (إن) والثاني: اللام، وقوله: {لَذَائِقُو} هي الخبر وحذفت النون منها من أجل الإضافة؛ لأن المضاف تحذف منه النون إذا كان مثنى أو جمعًا، ويحذف منه التنوين إن كان مفردًا.

وقوله: {الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨)} الأليم هنا بمعنى المؤلم، وفعيل تأتي بمعنى مفعل، ومنه قول الشاعر:

أمن ريحانة الداعي السميع ... تؤرقني وأصحابي هجوع

السميع بمعنى المسمع.

وقوله- عز وجل-: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨)}: فيه التفات، وذلك أن مقتضى السياق أن يقول: "إنهم لذائقوا العذاب" لأن الحديث كله جاء عن الغائب. {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦)} فكان مقتضى السياق أن يقول: إنهم لذائقوا العذاب الأليم، ولكن كان في السياق التفات من الغيبة إلى الخطاب فما فائدة هذا الالتفات؟

ذكرنا فيما سبق أن كل التفات فإن له فائدة مشتركة، وهي تنبيه المخاطب؛ لأن الكلام إذا كان على نسق واحد سها

<<  <   >  >>