للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله -سبحانه وتعالى- شيء من اللغوب يعني من التعب والإعياء وهذا تنزيه عن النقص، وقال تعالى عن الثاني: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] تنزيه عن مماثلة المخلوقين.

{عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩)} يعني عن النقص عما يصفون من النقص والمماثلة، بأن قالوا: إن لله ولدًا، وهذا وصف لا يليق بالله -سبحانه وتعالى-، لأن ثبوت الولد يتضمن المماثلة ويتضمن النقص أيضًا، فهم بدعواهم الولد لله وصفوا الله بالنقص ووصفوه بمماثلة المخلوقين.

{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠)} العبودية مأخوذة من الذل، فالعابد بمعنى الذليل، والتعبد بمعنى التذلل، والعبودية نوعان:

عبودية للقدر، وعبودية للشرع. يعني تذلل للقدر، وتذلل للشرع.

أما عبودية القدر فإنها عامة لكل أحد، فما من إنسان إلا وهو متذلل لقدر الله تعالى لا يمكن أن يتخلص منه إطلاقًا، ودليل هذه قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} [مريم: ٩٣]

كل من في السماوات والأرض فهو عابد لله ذليل له، ولا يمكن أن يخرج عن ذلة القدر، حتى أعتى الناس وأطغى الناس عبد لله بهذا المعنى، ففرعون عبد لله في هذا المعنى، ولهذا أدركه الغرق.

الثاني: عبودية الشرع يعني التعبد بشرع الله، وهذا خاص بالمؤمنين؛ لأن الكافرين لم يتعبدوا لله بشرعه، بل هم

<<  <   >  >>