للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مستكبرون، ومن أمثلة ذلك وأدلته قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣] فالمراد بالعبودية هنا عبودية الشرع. يعني الذين تعبدوا بشرع الله، وهذه خاصة بالمسلمين المنقادين لأمر الله، وهذه تنقسم إلى قسمين: قسم أخص من الآخر، فعبودية الرسالة والنبوة أخص من عموم عبودية الإسلام، فمثلًا قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: ٢٣] هذه عبودية رِسالة فهي أخص من قوله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣] وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: ١] هذه أيضًا عبودية خاصة الخاصة، أخص من قوله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣].

قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)} [الحجر: ٤٢] إن جعلنا الاستثناء منقطعًا فالعبودية عبودية الشرع خاصة، وإن جعلنا الاستثناء متصلًا فهي عبودية القدر، ولذلك اختلف العلماء فيها هل الاستثناء منقطع أو متصل؟ هذه الآية أيضًا نظيرها {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠)} أي المؤمنين الذين أخلصهم الله تعالى لنفسه.

قال المؤلف -رحمه الله-: [استثناء منقطع] والاستثناء المنقطع علامته: أن يكون ما بعد (إلا) من غير جنس ما قبلها، وأن تكون (إلا) بمعنى (لكن)، ولهذا نسميه استثناء منقطعًا، كأن ما بعدها انقطع عما قبلها، وعليه إذا كان الاستثناء منقطعًا كما قال المؤلف نقول: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠)} معناها لكن عباد الله

<<  <   >  >>