للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثانية: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} والخالق لكل شيء لا يمكن أن يكون له ولد؛ لأن الولد جزء من الوالد، وإذا كان جزءًا منه لم يكن شيئًا مخلوقًا، لأن جزء الخالق يكون خالقًا مثله، قال الله تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥)} [الزخرف: ١٥].

{وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١)} [الأنعام: ١٠١]، وقد أعلمنا أنه ليس له ولد فكيف يكون خبره غير مطابق للواقع. فبرهن الله على امتناع وجود الولد من وجوه ثلاثة:

امتناع الصاحبة، وأنه خلق كل شيء، وأنه بكل شيء عليم، وعلمه بكل شيء وقد أخبرنا بأنه لم يلد يقتضي أنه لم يلد كذلك حقًا، لأن هذا الخبر لابد أن يكون مطابقًا لعلمه.

{أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣)} اصطفى أصلها اصتفى، وهي مأخوذة من الصفوة، وصفوة الشيء خياره، وعلى هذا فيكون معنى اصطفى اختار. وهنا قال: {أَصْطَفَى}، والمعروف أن همزة اصطفى همزة ووصل لا همزة قطع، فلماذا كانت هنا همزة قطع؟ قال -رحمه الله-: [بفتح الهمزة للاستفهام]. فالهمزة هنا ليست همزة الوصل التي يؤتى بها للتوصل إلى النطق بالساكن، ولهذا لا يكون ما بعدها إلا ساكن، فالهمزة هنا ليست همزة وصل، ولكنها همزة استفهام، فاستغني بها عن همزة الوصل؛ لأنها أي: -همزة الاستفهام- مفتوحة فيسهل النطق بالساكن بعدها، وأصل همزة الوصل جيء بها من أجل التوصل إلى النطق بالساكن، وإذا كان لدينا همزة قطع فإننا نستغني بها عن

<<  <   >  >>