للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هرة" (١) ففي هنا بمعنى الباء، أي بسبب هرة.

{أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٣٨)} أي أفلا يكون لكم عقول، والمراد بالعقول هنا عقول الرشد لا عقول الإدراك، لأن عقل الإدراك موجود عند هؤلاء، وهم في الإدراك عقلاء أذكياء، ولكن عقول الرشد غير موجودة عندهم, لأن كل شخص يكفر بالله أو يعصي الله فإنه لا عقل عنده، لكن إن كان كافرًا فقد انتفى عنه العقل بالكلية، وإن كان عاصيًا فقد انتفى عنه من العقل بقدر معصيته. والاستفهام في قوله: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٣٨)} للتوبيخ، لأن شخصًا يمر على ديار المكذبين ويرى آثارهم ولا يتعظ يستحق أن يوبخ، و (الفاء) هنا حرف عطف، والمعطوف عليه قيل: على ما سبق أي على {لَتَمُرُّونَ} وعلى هذا الوجه تكون الهمزة في غير محلها، أي أن الفاء تقدر قبل الهمزة فيكون التقدير: "إنكم لتمرون عليهم أفلا تعقلون".

وقيل: إن الهمزة مدخولها محذوف والتقدير: أسفهتم أو جهلتم أو ما أشبه ذلك مما يقتضيه المعنى، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف. وقد سبق لنا أن القول بأنها معطوفة على ما سبق أسهل؛ لأنه أحيانًا يصعب عليك أو يتعذر أن تدرك المعنى المناسب الذي يمكن أن يكون معطوفًا عليه، فلهذا نقول: إن القول بأنها معطوفة على ما سبق على تقدير تأخير الهمزة الأولى.


(١) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم (٣٣١٨) ومسلم، كتاب السلام، باب تحريم قتل الهرة (٢٢٤٢).

<<  <   >  >>