للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإقامة الظاهر مقام المضمر لابد لها من فائدة: إما لفظية، وإما معنوية، وإما لفظية معنوية، وهنا إقامة الظاهر مقام المضمر له فائدة لفظية ومعنوية، فاللفظية هي: مراعاة فواصل الآيات. لأن الله تعالى يعبر بالكلمة والظاهر خلاف التعبير بها من أجل مراعاة الفواصل. {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (٧٠)} [طه: ٧٠] ومن المعلوم أن موسى أفضل من هارون، وهو يقدم عليه في كتاب الله، لكن في هذه الآية قدم هارون على موسى مراعاة للفواصل؛ لأن سورة طه فواصلها غالبها بالألف. وهنا نقول: (فساء صباحهم) لم تنسجم الفاصلة مع التي قبلها والتي بعدها، فقال: {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧)} وهذه فائدة لفظية.

أما المعنوية فهي التعميم وانطباق الوصف عليهم وإقامة الحجة على هؤلاء الذين نزل العذاب بساحتهم، وهي أنهم قد أنذروا ولم يكن لهم عذر، واستحقوا العذاب بعدل الله -عز وجل- {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧)}.

والإنذار يقول العلماء: هو: الإعلام المقرون بالتخويف. والبشارة هي: الإعلام المقرون بما يفرح ويسر. فالبشارة بالسار، والإنذار بخلافه.

إذًا {الْمُنْذَرِينَ} الذين أنذروا بإقامة الحجة عليهم أي: أعلموا بما يخوفهم إذا خالفوا أمر الله.

قال: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩)} كرر تأكيدًا لتهديدهم، وتسلية لرسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، والآية التي قبلها يقول: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥)} وهنا قال {وَتَوَلَّ

<<  <   >  >>