للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخطاب صريح إذلالًا لهم فقال: {فَإِنَّكُمْ} أيها المشركون {وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١)} من الأصنام وعبر بـ (ما) التي تستعمل غالبًا في غير العاقل؛ لأن أكثر معبود المشركين من غير العاقل، ويحتمل أن تكون (ما) مصدرية، أي: فإنكم وعبادتكم ما أنتم فاتنين عليه أحدًا.

والمعنى على الوجهين واحد. يعني: أنتم وأصنامكم لا تفتنون الناس {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)}.

أو أنتم وعبادتكم لا تفتنون الناس عليها {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)} والكفار يعبدون الأصنام فينذرون لها ويركعون ويسجدون ويستغيثون بها ويجعلونها كالإله سواءً، ومع هذا فإن عقولهم قد لعبت بهم بل شياطينهم قد لعبت بهم حيث يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}. [الزمر: ٣].

والحقيقة أن عبادتهم إياها تبعدهم من الله ولا تقربهم منه، قال المؤلف -رحمه الله-[{مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢)} أي: على معبودكم، و (عليه) متعلق بقوله: {بِفَاتِنِينَ} أحدًا] و (إن) تحتاج إلى اسم وخبر، اسمها الكاف في: {إِنَّكُمْ} و {وَمَا تَعْبُدُونَ} معطوف عليه وجملة {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢)} هي الخبر. يعني أنتم ومعبوداتكم لا تفتنون أحدًا عن دين الله {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)}.

وقوله -رحمه الله-[أي على معبودكم] ولم يقل: ما أنتم عليها أي معبوداتكم من أجل أن يشمل كل واحد على حدة، يعني أي واحد من هذه المعبودات لا يمكن أن تفتنوا عليه أحدًا من

<<  <   >  >>