للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحتمل أنهم لما بنوا هذا البناء والنار في وسطه لا تشاهد فيظن الإنسان إذا رآه أنه قصر فيقدم على أن يستسلم للإلقاء، لأنه اعلم ما في جوفه لكان يهرب أو يدافع، فيكون هذا معنى الكيد أَي أنهم لم يشقوا الأرض كما فعل أصحاب الأخدود ويضعوا فيها الحطب ويوقدوه، ولكن بنوا بنيانًا من رآه من الخارج ظن أنه منزل سكن، ولكنه في الواقع حسب صنعهم نار تتأجج. فيمكن أن يقال: إن هذا هو المراد من قولهم: {كَيْدًا} لأن الكيد كما أسلفنا هو التوصل إلى الإِيقاع بالخصم من حيث لا يشعر، ولكن الله تعالى جعلهم {الأَسْفَلِينَ} وذلك بعدم نيل مرادهم بخروج إبراهيم سالمًا، فكان العلو له من وجهين:

الوجه الأول: أنه سلم مما أرادوا من إهلاكه.

الوجه الثاني: أن الله عزَّ وجلَّ أكرمه بأمر لم يكن معهودًا عند البشر، وهو سلامته من النار التي ظنوا أنها ستحرقه، فصاروا أسفلين من هذين الوجهين أنه سلم، وأن الله تعالى أكرمه بأمر لم يكن معهودًا، وهذا بلا شك يوجب أن يكون عاليًا عليهم، بل عاليًا علوًّا بالغًا؛ لأنه قال: {الْأَسْفَلِينَ} والأسفلين هذه اسم تفضيل أي البالغ في السفل غايته.

الفوائد:

١ - شدة كيد هؤلاء المكذبين لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، حيث أروا الناس أنهم يبنون له بنيانًا دون أن يروه أنهم يريدون أن يحرقوه، لقوله: {فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا}.

٢ - من فوائدها: أن النار التي أضرموها في هذا البنيان

<<  <   >  >>