الراية عند مدخل مكة عند الحجون ودخل البيت وكسّر الأصنام، ووقف على الباب وقريش تحته ينتظرون ماذا يفعل. فقال:"ما ترون أني فاعل بكم معشر قريش" قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم (١)، فعفى عنهم -عليه الصلاة والسلام- وسموا الطلقاء، أي من القتل والأسر، فانظر كيف كانت هذه العاقبة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - حماه الله منهم. تآمروا أن يقتلوه أو يثبتوه أو يخرجوه، ولكن صارت المؤامرة عليهم، هم الذينَ منَّ عليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأطلقهم على أن ما في الآخرة أشد وأعظم، قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧)} [الطور: ٤٧]، وقال تعالى:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ}[السجدة: ٢١] فعذاب الآخرة أشق -والعياذ بالله-، والغرض من قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)}، تهديد هؤلاء المكذبين للرسول - صلى الله عليه وسلم -.
الفوائد:
١ - من فوائد هذه الآيات الكريمات: أن هؤلاء المكذبين للرسول -عليه الصلاة والسلام- يدعون أنه لم يأتهم ذكر يتذكرون به، ولهذا يعترضون هذا الاعتراض يقولون: {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩)}.
٢ - ومن فوائدها: أن حجج الكفار حجج مكابرة ليست مبنية على حق، فمثلًا قولهم: {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨)} ماذا
(١) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب طلوع الشمس من مغربها (رقم ٤٠٨١) والإمام أحمد في المسند (١/ ٣٧٥) والحاكم ٤/ ٤٨٨ - ٤٨٩، ٥٤٥ - ٥٤٦.