٤ - ومن فوائدها: تشريف هؤلاء المخلصين بإضافة عبوديتهم إلى الله تعالى، فإنَّه لا شك أنَّه من يضاف إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- ينال الشرف، ولهذا شرف الله تعالى بيته بإضافته إليه فقال:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ}[الحج: ٢٦] وشرف الله المساجد بإضافتها إليه {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ}[البقرة: ١١٤] وسماها النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسلام- بيوت الله "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله"(١) وهذا لا شك تشريف للمضاف.
٥ - ومن فوائدها: بيان نعمة الله على هؤلاء العباد، حيث أخلصهم لنفسه فلم يكن لهم مقصود إلَّا الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
فإن قال قائل: أليس هؤلاء العباد لهم مقصود؟ فهم يأكلون قصدًا ويشربون قصدًا ويتمتعون بالمساكن وبالنساء قصدًا، فقد دخل في قصدهم قصد ما سوى الله، فما الجواب؟
الجواب: أنهم يتقربون إلى الله بهذا القصد. فمثلًا في الأكل: يأكل الإنسان تشهيًا بلا شك شهوة ودفعًا للضرورة، لكن يمكن أن يكون هذا الأكل عبادة من وجوه:
أولًا: إذا قصد به امتثال أمر الله؛ لأنَّ الله أمر بالأكل والشرب.
ثانيًا: إذا قصد به حفظ صحته وقيامِ بنيته؛ لأنَّ الإنسان مأمور بمراعاة نفسه، قال الله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}. [النساء: ٢٩]
(١) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على القرآن وعلى الذكر (رقم ٢٦٩٩) (٣٨).