للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: ١٤] {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢)} [الزمر: ٢].

٤ - ومن فوائدها: تشريف هؤلاء المخلصين بإضافة عبوديتهم إلى الله تعالى، فإنَّه لا شك أنَّه من يضاف إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- ينال الشرف، ولهذا شرف الله تعالى بيته بإضافته إليه فقال: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} [الحج: ٢٦] وشرف الله المساجد بإضافتها إليه {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [البقرة: ١١٤] وسماها النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسلام- بيوت الله "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله" (١) وهذا لا شك تشريف للمضاف.

٥ - ومن فوائدها: بيان نعمة الله على هؤلاء العباد، حيث أخلصهم لنفسه فلم يكن لهم مقصود إلَّا الله -عَزَّ وَجَلَّ-.

فإن قال قائل: أليس هؤلاء العباد لهم مقصود؟ فهم يأكلون قصدًا ويشربون قصدًا ويتمتعون بالمساكن وبالنساء قصدًا، فقد دخل في قصدهم قصد ما سوى الله، فما الجواب؟

الجواب: أنهم يتقربون إلى الله بهذا القصد. فمثلًا في الأكل: يأكل الإنسان تشهيًا بلا شك شهوة ودفعًا للضرورة، لكن يمكن أن يكون هذا الأكل عبادة من وجوه:

أولًا: إذا قصد به امتثال أمر الله؛ لأنَّ الله أمر بالأكل والشرب.

ثانيًا: إذا قصد به حفظ صحته وقيامِ بنيته؛ لأنَّ الإنسان مأمور بمراعاة نفسه، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}. [النساء: ٢٩]


(١) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على القرآن وعلى الذكر (رقم ٢٦٩٩) (٣٨).

<<  <   >  >>