للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: رأيت في المنام {أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢)} انظر هذا التلطف {يَابُنَيَّ}، ليبعد عن ابنه أنه ذكر ذلك عن جفاء؛ لأن الإنسان إذا كان يبغض ابنه فإنه لا يهمه أن يعذبه أو أن يذبحه ولا يتأثر بذلك، لكنه قال: {يَابُنَيَّ} من باب التلطف به، وبيان أن الحنان قد بلغ في قلبه كل مبلغ وصغّره فقال: {يَابُنَيَّ}، ولم يقل: "يا ابني" زيادة في التلطف، قال: {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} قال المفسر: [أي رأيت] ولكنه عبر بالمضارع عن الماضي ليدل على استمرار حكم هذه الرؤية. وأنه مستمر على تنفيذ حكم هذه الرؤية، أو أنه نزَّل الماضي منزلة الحال، كأنه الآن يرى أنه يذبحه، وعلى كل حال فإن أرى هنا أبلغ من رأيت، لأن (رأيت) شيء مضى، أما (أرى) فهو شيء حاضر يدل على الاستمرار، وأنه سينفذ حكم ما رأى.

قال المؤلف: [ورؤيا الأنبياء حق، وأفعالهم بأَمر الله تعالى]. هاتان كلمتان تعبران عن سؤال مقدر، أولًا: قوله: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} قد يقول قائل: رؤيا المنام أضغاث أحلام، فأجاب عن ذلك بقوله: رؤيا الأنبياء حق، أنا لو رأيت في منامي أني أعتقت عبدي أو أوقفت دوري فلا يكون ذلك نافذًا؟ ولا أومر بذلك من أجل هذه الرؤيا، لكن رؤيا الأنبياء حق يعني أنها وحي. والثاني: [وأفعالهم بأمر الله] وهو أيضًا جواب عن سؤال مقدر، وإذا كانت هذه الرؤيا حقًّا فهل يثبت بها حكم شرعي؟

<<  <   >  >>