للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكونه يذكر الآباء الأولين إشارة إلى تذكيرهم بأنهم سيموتون كما مات هؤلاء فليستعدوا.

ثانيًا: أن الله تعالى هو الخالق لموتهم وحياتهم، فإذا كان هو الخالق لذلك فإن الواجب أن يعبد وحده دون غيره، وهذا الصنم لا يخلق الموت ولا الحياة.

{فَكَذَّبُوهُ} أي: كذبوا ما جاء به خبرًا وطلبًا. كذبوه أنه رسول، وقالوا كما قال غيرهم -والعلم عند الله- {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (١٦٨)} [الشعراء: ١٦٨] بل كل الذين سبقوه من الرسل قيل لهم ذلك، قال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [إبراهيم: ٩ - ١٠] فكل من سبق يكذبون رسلهم يقولون: أنتم بشر، يعني ولو شاء الله أن يرسل رسولًا لجعله ملكًا، ولكن الله رد على هؤلاء قال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} [الأنعام: ٩] أي في صورة الرجل؛ لأنه لا يتلاءم أن ينزل مَلَكٌ لبشر ليدلهم ويقودهم، وكيف يتبع الناس هذا الملك وهو على صورته الأصلية؟ لا يمكن لأنه لابد من التلاؤم، فلو أرسل الله ملكًا إلى البشر لجعله رجلًا مثلهم، وإذا جعله رجلًا عاد الأمر كما كان قالوا: نريد ملكًا، ولهذا قال: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩)} [الأنعام: ٩] {فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧)} (الفاء): هنا للسببية، أي: فبسبب تكذيبهم

<<  <   >  >>