الثاني: أن ينزه عن نقص في كماله، ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)} [ق: ٣٨] فلما ذكر خلقه لهذه السماوات العظيمة والأرَض في هذه المدة الوجيزة بين أنه لم يلحقه في ذلك تعب ولا إعياء، وهذا تنزيه لله عن النقص في كماله.
قال: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)} الجملتان اسميتان، قال أهل العلم: والجملة الإسمية تدلَ على الثبوت والاستمرار، يعني أن هذا دأبهمِ، ويدل لذلك قوله تعالى في وصفهم: {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)} [الأنبياء: ١٩ - ٢٠] فالملائكة دائمًا في عبادة ليسوا كالبشر عندهم غفلة ولهو وسهو، بل هم دائمًا في عبادة الله، فهنا ثلاثة أقسام من الخلق.
١ - شياطين، فهؤلاء دائمًا في معصية.
٢ - وملائكة، وهؤلاء دائمًا في طاعة.
٣ - وبشر، وهؤلاء أحيانًا في طاعة، وأحيانًا في معصية، وأحيانًا في غفلة.
الفوائد:
١ - من فوائدها: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤)} بيان أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام منزهون عما يدعيه هؤلاء من كونهم بنات الله، ووجه ذلك أنهم مكلفون بالعبادة على حد معلوم، ومن كان مكلفًا بالعبادة لا يمكن أن يكون ابنًا أو ولدًا للمعبود.