للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا أتى بالفعل الماضي {كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢)} أي في الدنيا، وجملة (كانوا يعبدون) صلة الموصول، والعائد محذوف، وتقديره: وما كانوا يعبدونه من دون الله.

وقول المؤلف: من الأوثان، إذا قال قائل: كيف تحشر الأوثان وهي جماد؟ وليس عليها حساب ولا عقاب؟

فالجواب: أنها تحشر إلى النار وتلقى في النار إهانة لعابديها، أما هي فلا شعور لها، لا تشعر بإهانة ولا كرامة، ولكن عابديها هم الذين يشعرون بالإهانة إذا كانت معبوداتهم تلقى في النار، فتلقى هذه المعبودات في النار إهانة لعابديها وبيانًا لكونها لا تنفعهم في أحوج ما يكونون إلى نفعها. وقوله: {وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ} هذه الآية عامة، وخصت بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)} [الأنبياء: ١٠١] لأننا لو أخذناها على عمومها لكان في الناس من يعبد الأنبياء، وكان في الناس من يعبد الملائكة، فهل يحشر هؤلاء المعبودون مع هؤلاء العابدين؟ فالجواب: لا، {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)} [الأنبياء: ٩٨] ثم قال: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)} [الأنبياء: ١٠١] وعلى هذا فالعموم هنا مخصص بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: ١٠١].

وقيل: إن العموم باق على ما هو عليه، لكنه عام أريد به الخاص، أريد به هؤلاء الذين أنكروا البعث، والذين أنكروا البعث لم يعبدوا الملائكة ولا الرسل إنما كانوا يعبدون هبل

<<  <   >  >>