البشريَّة نحو العالمية في نظمها وقيمها وتصوراتها، فالتميُّز ضرورة للأمَّة الإسلاميَّة؛ ليكون ضمانة لها من الضياع، أو التراجع، أو التفريط.
خامسًا: إنَّ تَمَيُّز الأُمَّة الإسلاميَّة بمقوماته وخصائصه وأهدافه ووسائله، تَمَيُّز فريد لا يعني -بحال- الانغلاق في دوائر الذاتيَّة الضيقة، أو الإقليمية المحدودة، أو العنصرية المقيتة، بل هو تَمَيُّز يعلي من قيمة الفرد، ويهتم بمصلحة المجتمع، وسيادة الأُمَّة لارتكازه على ما يأتي:
أ- عقيدة التوحيد؛ التي فطر اللَّه الناس عليها، فهي بذلك: عقيدة سهلة المأخذ، واضحة بينة بيضاء نقية، تعرض قضايا الوجود، وحقائق عالم الغيب وعالم الشهادة، بأسلوب حي مؤثر، يجعل للإيمان أثره العميق في نفس الفرد، وفي استقامة سلوكه، وفي الجماعة ونظام حياتها، وبذلك يتحقق تَمَيُّز الأُمَّة بهذه العقيدة الفذَّة الأصلية، دون غيرها من عقائد الأمم التي داخلها الشرك، والشك، والهوى، والآراء الفاسدة، والأفكار الرديئة، فصارت بذلك أسوأ نماذج التعقيد والتناقض.
ب- الشريعة الإسلاميَّة الغراء، المنبثقة من عقيدة التوحيد، التي تربط الأُمَّة بمنظومة من القيم والنظم، تلازم هذه العقيدة ملازمة محكمة، وتعمد على مصادر جعلتها صالحة لكل زمان ومكان وإنسان، لما اشتملت عليه من أحكام تجلب المصالح، وتدفع المفاسد، وتنطوي على مرونة تمكنها من احتواء المستجدات، وربطها بالقواعد المقررة والأصول الثابتة، وفقا لضوابط شرعيَّة دقيقة.
ج- الأخُوَّة الإسلاميَّة ووحدة الأمَّة؛ فهي أُخُوَّة توجبها عقيدة الإسلام، وشريعته، وتربط شبكة العلاقات الاجتماعية بأواصر قويَّة، قوامها الحق والخير والإحسان, والتعاون على البر والتقوى، ومكافحة الشر والرذيلة والفتن.