إنَّ للخصائص التي سبق بحثها أثرًا عميقًا في الأُمَّة الإسلاميَّة حيث حدَّدت هويتها عبر تاريخ البشرية:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٩٢]، فالأمة الإسلاميَّة منذ وجدت (تشترك في تصور واحد للوجود والكون، فقد ثبت في عقولها ونفوسها أنَّ لهذا الكون الرحب العظيم خلقًا واحدًا حكيمًا قديرًا، وأن الإنسان أحد مخلوقات اللَّه وأكرمها، وأن هذا الإنسان مخلوق للَّه وعبد للَّه، وهو في الوقت نفسه ذو سلطان على هذا الكون الذي سخَّره اللَّه له، وذلك كما ينص القرآن الكريم، وأن للإنسان حياتين: الأولى: للعمل وتحمل أعباء الأمانة، والثانية: للجزاء وتحمل نتائج المسؤولية، وأنَّه يصل إلى الحقائق الحسيَّة بما وهبه اللَّه من هبات البصر والسمع والحواس والعقل، وإلى الحقائق غير الماديَّة بهداية الرسل، وخاتمهم هو محمد بن عبد اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورسالته خاتمة الرسالات وأعمها وأبقاها، وقد أنزل اللَّه عليه كتابًا خالدًا محفوظًا، تضمن هذه الرسالة، وهو القرآن الكريم، وهو عليه الصلاة والسلام المكلف بتبليغه وتبيينه للناس وتفصيله فيما اصطلح على تسميته (بالسنة)، هذه العقيدة التي توجز في عبارة جامعة هي (لا إله إلَّا اللَّه محمد رسول اللَّه)، عميقة الأثر في نفوس المؤمنين بها، ويتفرع عن هذه العقيدة مبادئ ومفاهيم وأفكار وعواطف، وتولد عنها نتائج مهمة كان ولا يزال لها أثر في مجرى تاريخ هذه الشعوب وفي حياتها، تتجلى هذه العقيدة وتلك المبادئ في أبسط مظاهر الحياة الاجتماعية، في السلام والتحيَّة، وفي مناسبات الحياة من ولادة وموت، وانتصار وهزيمة، وتتجلى في ألوان من الشعور أصبحت في حياة المسلمين أشبه بالغرائز، كالشعور بالمساواة بين العروق والألوان، وفقدان التمييز العنصري في ضمير هذه الشعوب، مِمَّا